" بسم الله الرحمن الرحيم "
نوح (عليه السلام) و نظرية التطور :
يخبرنا الله _سبحانه و تعالي_ عندما كذب أهل نوح (عليه السلام) دعوته, قال لهم مستنكرا : ( مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا ۞ وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا ) نوح 13-14 _ يتركز الحديث هنا علي كلمة " أطوارا" و هل هي بمعني مراحل خلق الذرية من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة.. إلي أخر ما هو مذكور في آيات أخري. أم أن ما قصده نوح ( عليه السلام ) هي مراحل تطور الإنسان من أجناس أخري و كل طور استمر لمليون عام يزيد أو ينقص؟.
ينبغي أولا أن نضع في الحسبان الفترة الزمنية بين آدم ( عليه السلام ) و نوح ( عليه السلام ).. مذكور في العهد القديم "التوراة" أن بينهم عشرة أجيال و هي كالآتي :
آدم ◄ شيت ◄ أنوش ◄ قينان ◄ مهلئيل ◄ يارد ◄ أخنوخ "أدريس" ◄ متوشالح ◄ لامك ◄ نوح
و هي مذكورة في الفصل الخامس, الآيات من 1 إلي 3 من سفر التكوين. و أيضا ذكروا مرة أخري في انجيل لوقا في الفصل الثالث الآيات من 36 إلي 38. إذا فنوح ( عليه السلام ) كان قريبا هو و قومه من آدم ( عليه السلام ).
نرجع مرة أخري لكلمة " أطوارا " ماذا قصد بها نوح ( عليه السلام ) ؟ هل الإحتمال الأول ؟ ولكن كما قلت في المشاركة السابقة فأن الخطاب الديني يكون علي قدر معرفة المخاطب و إلا يكون عبثا.. و علم التشريح و الأجنة هو من أثبت مراحل تكون الجنينو خصوصا بعد ظهور المجهر و المنظار الطبي. ولكن هل كان قوم نوح ( علسه السلام ) يملكون مجهرا أو منظارا ؟ بالطبع لا; فقديما لم يعلموا هذا و لم تظهر نظريات عن هذا إلا مع مجيْ جالينوس, و حتي مع نظريته ظهر النظريات الكثيرة و لو يستطع اثبات شيئا و كذلك لم تكن بهذا الوصف الدقيق. و مما يعزز القول بجهلهم بذلك أن الأوربيين في العصور الوسطي اعتقدوا أن الإنسان يكون متكامل التكوين في داخل النطفة; أي يكون إنسانا كاملا و لكن بحجم دقيق لا تراه العين المجردة, و قد جربوا تخليقه في المعامل كما جاء في كتاب الطبيب الساحر السيميائي باراسيلزوس "Paracilsus degenera Ionbus Rerum Naturalivm", فهل يقل ألا يعلم المحدثين تلك الحقيقة العلمية و يعلمها من هم عاشوا في أزمنة قديمة جدا؟ هذا مستبعد تماما. هذا فيما يتعلق بالإحتمال الأول.
أما الإحتمال الثاني, فقد قلت أن نوح ( عليه السلام ) كان قريب العهد بآدم ( عليه السلام ) فلا يستبعد أن يكون هو و قومه قد علموا بعض الحقائق عن تطورهم نظرا لقصر الفترة الزمنية بينهم و بين آدم ( عليه السلام ). ويأتي نوح ( عليه السلام ) و يؤكد صحة هذا الفرض الثاني بصورة أقوي فيقول : ( وَاللَّهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا ) نوح 17 _ الفهم الشائع هو أن أنبتكم ليست إلا مجازا.. ولكن "أنبتكم" أكدت ب "نباتا" و لم يقل "انباتا" فالتوكيد في تلك الحالة ليس بالمصدر و لذلك فهو ليس مجازا.. ولفهم أكثر للعلاقة بين التوكيد و المجاز راجع مشاركتي هنا.
ولكن هل العلم يثبت أننا كنا نباتا في الأصل ؟ هذا ما سأتحث عنه _ إن شاء الله تعالي _ في المشاركة القادمة.
يتبع إن شاء الله
" الحمد لله رب العالمين "